حوار أجريناه أوت 2021 مع الأخ بلال مهندس دولة في الهندسة الزراعية
الحوار مترجم من الفرنسية الى العربية (سوف تجدون الحوار الأصلي في أول تعليق)
سوف تجدون تحديث للمقال نوضح فيه بعد نهاية الحوار الطرق والاستراتيجيات اللازمة لمكافحة الحرائق خاصة بعد دخول طائرة برييف 200 الخدمة ومدى نجاعتها.
خلال الكارثة التي ضربت البلاد، تساءلجميعنا عن الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة حرائق الغابات هل وجب استعمال الحوامات؟ أ طائرات إطفاء من صنف كنادار؟ أم كلاهما؟ طلبنا من بلال الذي يعمل في مجال الغابات أن يعرض وجهة نظره والحلول الممكنة من خلال وسائل الوقاية والمكافحة، قراءة جيدة.
الأدمن:
مرحبا بلال، شكرا على موافقتك الإجابة على تساؤلاتنا: في الأيام الأخيرة، رأينا حرائق غابات في عدة مناطق من الجزائر، والتي أصبحت خارجة عن السيطرة خاصة في خنشلة، تيزي وزو،جيجل،بجاية،سكيكدة والطارف وغيرها من الولايات. ومن المؤسف سجلت عدة وفيات (خالص تعازينا لأسرهم) وخسائر مادية كبيرة. ما زلنا نكافح تلك الحرائق، لذا، أردنا أن نستفيد من خبرتكم عسانا أن نرى بوضوح أكثر: ما هي آليات اشتعال حرائق الغابات؟ ما هي سبل الوقاية منها ومكافحتها؟ وما إذا كانت طائرات كنداير أو أنواع أخرى من الطائرات هل ستكون الحل النهائي والأمثل؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فهل يتوجب على السلطات النظر في حلول أخرى؟ لكن أولا أخبرنا قليلا عن نفسك، ما هو مجال دراستك وخبرتك المهنية في مجال الغابات؟
* أجرينا هذه المقابلة قبل الإعلان عن اقتناء الدولة الجزائرية لطائرة بيريف 200*
بلال: مرحبا، إسمي بلال، مهندس دولة في الهندسة الزراعية، تخرجت من جامعة سعد دحلب بالبليدة. لدي خبرة في الهندسة الريفية والغابات. كنت مديرا لمشاريع التنمية الريفية والغابية – منطقة البليدة الغربية. لدي أيضا خبرة في مجال الطيران حيث كنت وكيلا تجاريا في الخطوط الجوية القطرية. وأشغل حاليا منصب مراجع الحسابات التقنية لهذه المشاريع الريفيةالأدمن: وما هي تلك المشاريع؟
بلال: هي مشاريع تنمية التي ترتبط بالمناطق الريفية والجبلية بما في ذلك فتح وتطوير مسارات الغابات خنادقحماية ضد الحرائق،مستجمعات المياه، تنمية الينابيع بناء الأحواض ونقاط المراقبة وأخيرا العمل الحرجي (تنظيف الغابات).
أتحدث على وجه التحديد عن هذه المشاريع لأنها تلعب دورا هاما جدا في مكافحة حرائق الغابات.
الأدمن: قبل التفصيل في مشاريع الغابات ومساهمتها في الوقاية من الحرائق، ما هي الأسباب والآليات الأساسية لبدء حرائق الغابات؟بلال: لبدء حريق الغابات، من الضروري أن يكون لديك ثلاثة عناصر:
1- إيقاد النار : التي يمكن أن تكون شرارة، برق، شعلة الخ ...
2- الوقود : أكسجين
3- الوِقَاد : الغطاء النباتي، الأوراق والأغصان.
عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة وينقص المطر، يتبخر جزء كبير من الماء الموجود في أنسجة النباتات التي تشكل الغابات والنباتات. فتصبح الأوراق الوقود المفضل، خاصة وأنها توفر سطحا كبيرا من التلامس مع الأكسجين. يمكن لأدنى شرارة أن تشعل الأغصان،الأعشاب الجافة، الشجيرات والأشجار وأخيرا الغابة بأكملها.
الأكسجين والنبات موجودان تلقائيا في الطبيعة، ولكن عامل "الشرارة" هو سبب إثارة آلية حرائق الغابات.
أقل من 10٪ من حرائق الغابات ستكون ذات أصل طبيعي، وعادة ما تكون العواصف الرعدية الجافة والبرق هي المسؤولة، في حالة الجزائر، يمكننا استبعاد سبب الأصل الطبيعي لأن البرق والعواصف الرعدية الجافة غير موجودة في هذه المنطقة الجغرافية.ما لا يقل عن 50 ٪ من حرائق الغابات ناتجة عن التهور البشري بشكل غير مباشر مثل رمي أو اطفاء سيجارة بشكل سيئ، حفل شواء (Barbecue)الذي يتم التحكم فيه بشكل سيئ إلخ ... لذلك يتم توزيع تعليمات حول الأفعال الخطيرة على لوحات ولافتات على مستوى الغابات.
سبب آخر للحرائق هو الحوادث التي يمكن أن تحدث بسبب الرياح في المحولات الكهربائية التي تمر عبر المناطق الجبلية والغابات.
وأخيرا، السبب الأخير هو السبب المتعلق بالأعمال الإجرامية. حوالي 40٪ من حرائق الغابات تبدأ طواعية من قبل مجرمين لعدة أسباب. فلماذا يكون الفرد مستعد لحرق غابة بأكملها بكل برودة؟
سآخذ مثال في مدينة البليدة. في بلدية لا أذكر اسمها،نجد أشخاص يشتغلون في مشاريع صغيرة متخصصة في العمل الحرجي. وللحصول على مشروع ذو "مكسب سريع" مثل زرع الأشجار، من الضروري أن يكون هناك تدهور حقيقي وخطير للنباتات على مستوى المنطقة الجبلية والحرجية حتى تتمكن السلطات المكلفة بتسيير الغابات من إطلاق مناقصات لمشروع تشجير الغابات. لذلك، يثير أصحاب النفوس المريضة تلك حرائق الغابات ليتم إطلاق مشاريع إعادة التشجير وإعادة التحريج يتم طلبها بسرعة من قبل السلطات. لذلك، ستتاح الفرصة لبعض المقاولين الحصول على أحد تلك المشاريع وكسب المال السريع.الأدمن: هل يمكننا التحدث عن الأفراد الذين يستغلون الحرائق لبيع الفحم؟ هل هذا صحيح أم إنه مفهوم شائع وخاطئ؟
بلال: كثيرا ما نسمع أن بعض المجرمين يحرقون الغابات للاستفادة من الفحم. وأغتنم هذه الفرصة لأشرح أن هذا غير صحيح تماما ومستحيل. فالحطب المحترق في الحرائق يفقد قيمته الحرارية اللازمة في استخدام الفحم، في حين أن صناعة الفحم تتطلب تقنيات أخرى: وضع الخشب الخام في بئر على سبيل المثال وتعريضه لدرجة حرارة عالية جدا من أجل إزالة أي مادة عضوية أو نباتية رطبة موجودة في الخشب، تاركة الكربون والمعادن فقط.
الأدمن: دعنا ننتقل إلى وسائل الوقاية من حرائق الغابات؟بلال: سأربط هذه الوسائل بمشاريع التنمية الريفية والحرجية في الجزائر التي سبق أن ذكرتها والتي تلعب دورا هاما جدا في الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها:
الوقاية تعني ببساطة القيام بما هو ضروري لتجنب تفشي الحريق وانتشاره. إذا تكلمنا عن أي مشروع حرجي فإنه يتضمن تنظيف الغابات من جميع الشجيرات وتقليما لثلث (1/3) من جذوع الأشجار. الغرض من التنظيف هو منع الانتشار السريع للحريق على الأرض في حالة نشوبه. يمنع التقليم فقدان الشجرة عن طريق منع النار من الوصول إلى تاجها. يتم تنفيذ هذا المشروع فقط بين أكتوبر وأفريل.
نتحدث أيضا عن خنادق منع انتشار النار، والتي تعني ببساطة فصل الغابات عن المناطق الجبلية عن طريق القطع الخطي، والذي يهدف إلى الحد من الانتشار السريع للنار من غابة إلى أخرى. هذا من شأنه طريقة التقليل من فقدان الغطاء النباتي عند اندلاع حريق ضخم.
الأدمن: ماذا عن عمليات مراقبة الغابات، خاصة مع الوسائل التكنولوجية، طائرات بدون طيار على سبيل المثال؟
بلال: يمكن لعمليات مراقبة الغابات أن تحد من عواقب هذه الحرائق. للقيام بذلك يجب بناء مراكز للرصد والمراقبة على مستوى المناطق الجبلية ذات الطبيعة الحرجية والغابية. بصراحة، غالبا ما تكون تلك المراكز فارغة، حتى في الصيف وفي وقت الذروة.
بالنسبة للطائرات بدون طيار، تلك وسائل تكنولوجية فعالة للغاية، واستخدام طائرة بدون طيار مجهزة بكاميرات 360 درجة لمراقبة المناطق الجبلية المعزولة هي وسيلة فعالة للغاية في الوقاية من حرائق الغابات. فهي سهلة الاستعمال ومربحة من الناحية الاقتصادية. يمكننا تقليل تكاليف التشغيل المرتبطة بنشر المركبات والشاحنات ورجال الإطفاء والحراس، ونفس الإنسان مهمة جدا في هذه المعركة ويجب علينا الحفاظ على الممتلكات وخاصة الأشخاص. هذا هو السبب في أن عددا قليلا فقط من الطائرات بدون طيار التي يتم التحكم فيها كفيل للحصول على المعلومات اللازمة من مكان معزول. وهذا يساعد بالضرورة على منع اندلاع الحرائق والتدخل بسرعة.
الأدمن: ماذا عن فتح المسارات في المناطق الجبلية والريفية؟
بلال: إن فتح المناطق الجبلية والريفية له دور مهم جدا في منع حرائق الغابات. هنا تعرف قيمة فتح وتطويق الغابات والمسارات الريفية. بحيث يسهل الوصول إلى المناطق الجبلية العميقة والنائية أين يوجد خطر نشوب حريق. إن فتح المناطق الجبلية له دور اقتصادي مهم للغاية لأن السكان الذين يمتلكون أراضي زراعية معزولة سيتمكنون من الوصول إلى تلك الأراضي واستغلالها في الأعمال الزراعية.
وبالتالي، فإن تعبئة الموارد المائية عامل هام في الوقاية من حرائق الغابات، خلق ينابيع وبناء أحواض مائية في المناطق الجبلية والريفية يجعل من الممكن إبقاء مصدر المياه جاهزا للاستخدام الفوري في حالة نشوب حريق. كما تلعب هذه البرك والينابيع دورا طبيعيا آخر حيث تعد مصدرا للمياه للحيوانات البرية ودورا اقتصاديا في سقي الأراضي الزراعية المعزولة.
الأدمن: لقد مررنا بأسباب الحرائق والوقاية منها ولاحظنا أنه لا يكفي منع حرائق الغابات حتى في البلدان المتقدمة. ما هي أكثر الطرق فعالية لمكافحة هذه الحرائق؟بلال: عندما نستخدم مصطلح "مكافحة" فهذا يعني أن الحريق موجود بالفعل وأنه يجب إيقافه في أقرب وقت ممكن قبل أن ينتشر ويدمر الغطاء النباتي. تختلف طرق مكافحة الحرائق من منطقة إلى أخرى، وبالطبع اعتمادا على القدرات المالية للبلد. شخصيا ووفقا لتجربتي أقول إنه إذا تم اكتشاف الحريق بسرعة استباقية منذ البداية، أكرر ما أقول: الشعلة الأولى للحريق في منطقة غير معزولة حقا، فسيكون هناك ما يكفي من الوسائل المادية البسيطة لإطفائه، بما في ذلك المركبات، الشاحنات، جرارات وخزانات مع مضخات المياه بالإضافة إلى تسخير الموارد البشرية. من ناحية أخرى، إذا انتشر الحريق في منطقة معزولة جدا، فأنا شخصيا لا أرى سوى استخدام طائرات الهليكوبتر وطائرات قاذفا للمياه التي يمكن أن تضع حدا سريعا لهذا الحريق.
الأدمن: أود أن أقف عند هذه النقطة، السؤال الذي يهمنا في هذه المقابلة لأنه يتعلق بالقدرات الجوية في مكافحة الحرائق.
هل يمكن أن تكون المروحية وسيلة فعالة لإطفاء بداية الحريق؟ واسمحلي أن أكون واضحا: بداية الشعلة خلال حرائق الغابات الأخيرة في تيزي وزو والبليدة وخنشلة على سبيل المثال لا الحصر، شهدنا نشر حومات تابعة للقوات الجوية الجزائرية الحماية المدنية، مثل أغوستا 139 ومي26بسعة 1000 لتر من المياه.
بلال : أعطي وجهة نظري التي تخصني فقط و تحت مسؤوليتي: بالطبع أن طائرات الهليكوبتر بما في ذلك أغوستا 139 ومي 26 تساعد بقوة على وقف "بداية حريق" أو "حريق محدود". لكنها فعالة فقط في الظروف الجوية الجيدة. أما إذا كانت هناك رياح على سبيل المثال، فلن تتمكن طائرة هليكوبتر من الطيران على ارتفاع منخفض وبسرعة كافية كفيلة بإطفاء النيران بسرعة كبيرة، عامل السرعة مهم جدا أيضا لأن المروحية يجب أن يكون لديها درجة معينة من الاستقرار لتكون قادرة على إسقاط المياه بدقةكبيرة. وسيعتمد على كثافة ووزن الماء فقط، ففي وجود رياح سيندثر الماء في الهواء. كلما زادت سرعة إطلاق المياه، كان من الممكن التحكم في الحريق بشكل أسرع وأكثر فعالية. إذا قارنا هذا مع سرعة ضرب كانادار CANADAIR CL-415 + وزن الماء + سرعة الطائرة تزامنا مع وقت إطلاق المياه، هنا يتم إطفاء الحريق في مساحة كبيرة جدا مقارنة بما يمكن أن تحققه المروحية. هذا لا يقلل طبعا من دور طائرات الهليكوبتر في مكافحة الحرائق، ولكن من الأفضل استخدام الوسائل الكبيرة التي تجمع بين سرعة التنفيذ والكمية. الوقت هو عنصر مهم جدا.
الأدمن: ومن هنا السؤال التالي، وإذا انتشر الحريق بشكل كبير؟
بلال: إذا تم اكتشاف الحريق مبكرا ولكن في منطقة جبلية معزولة، أو إذا كان حريقا كبيرا دمر الغطاء النباتي بشدة وتسبب في أضرار جسيمة، في هذه الحالة ، لا يوجد شيء أكثر فعالية من استخدام طائرات قاذفة المياه بما في ذلك كانادار CANADAIR CL415 ، التي لديها قدرة على حمل المياه تبلغ 6000 لتر. كل ما يتطلبه الأمر هو منبع مائي (أي نهر كبير، سد مائي،بحيرة،بحر ..) بعمق أكثر من 1.5 متر مع أكثر من 600 متر في الطول حتى يتمكنوا من الحصول على الإمدادات. يساعد تدخل هذه الطائرات على وضع حد سريع جدا لحريق معزول جيدا في الجبال.
كانت الحرائق في بعض ولايات الجزائر هائلة لدرجة أنه على الرغم من كل الوسائل الموضوعة، كان تدخل اثنين من كانادار CANADAIR CL-415 الفرنسيين جنبا إلى جنب مع حوامات التابعة للقوات الجوية والحماية المدنية التي جعلت من الممكن السيطرة على الحرائق. يجب على الدولة الجزائرية أن تفكر بجدية في شراء عدد من الطائرات القاذفة للمياه وأن تختار وفقا لعروض السوق العالمية. أو تفكر في الاستئجار لأن الشراء يولد تكلفة خاصة في تدريب الطيارين، وصيانة الطائرات خلال فصل الشتاء، حيث سيتم إيقافها عن العمل، أفترض أنه سيكون من الضروري الحفاظ على تراخيص الطيارين محدثة عندما لا يمكنهم الطيران. أعلم أن هناك متخصصين يتابعون صفحتك ويمكنهم شرح ذلك بشكل أفضل مني. ومن خلال الوقاية، وإعادة التحريج المدروسة جيدا، والوسائل الفعالة لمكافحة حرائق الغابات، يمكننا أن نأمل في الحفاظ على بقية الغطاء النباتي. ومن وجهة نظر إيكولوجية، سيكون لهذه الحرائق الأخيرة عواقب سلبية في النظم الإيكولوجية للمناطق المتضررة. ومن وجهة نظر مناخية، لن يكون امتصاص غازات الدفيئة بما في ذلك CO2 فعالا كما كان قبل اندلاع هذه الحرائق.وأخيرا، ستظل يقظة السكان ووعيهم دائما أكثر الوسائل فعالية لمنع حرائق الغابات ومكافحتها. وهناك طريقة أخرى تتمثل في تجنيد مواطني القرى الجبلية أو بالقرب من الغابات للوقاية من الحرائق ومكافحتها. تدريب رجال إطفاء متطوعين الذين سيتم استدعاؤهم إذا لزم الأمر، ولكن هذا يتطلب إرادة سياسية وعملا طويل الأجل. باختصار، هناك خيارات يتعين اتخاذها.
الأدمن: شكرا جزيلا لك على هذا التوضيح. أنا شخصيا تعلمت أشياء مثيرة جدا للاهتمام خاصة فيما يتعلق بالوقاية. حظا موفق لبقية حياتك المهنية.
بلال: شكرا لك.
تحديث أوت 2022
بعد عام من الحرائق التي شهدتها الجزائر سنة 2021، لاحظنا بداية سلسلة أخرى متفرقة عبر نواحي البلاد :
سطيف، سكيكدة، تيزي وزو إلخ ... كانت أكثر تلك الحرائق شِدَّة وشراسة في ولايات الطارف، سوق أهراس، سطيف و تيبازة أين سجلت وفيات و خسائر مادية معتبرة ( تعازينا لأهالي الضحايا ) و كذا إتلاف للغطاء النباتي للمنطقة.
أثار ذلك غضبا و تضمرا شديدين من طرف المواطنين، رغم تسخير الإمكانيات الجوية ( طائرةبرييف 200 + مي 26 +أغوستا139 ) زد إلى ذلك الدروس التي لم تستنبط من الكوارث و التجارب السابقة، حيث وجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة، فبالرغم من أن الجفاف و الحرائق التي جابت أوربا و جزءا من الولايات المتحدة الأمريكية و رغم خروجها عن السيطرة إلا أن حصيلة الضحايا البشرية كانت قليلة مقارنة بالمساحة التي أتت عليها النيران.
فمن المنطقي أن نتساءل عن الأسباب التي كررت كوارث العام الماضي، بعدما بحثنا وسألنا أهل الاختصاص، إليكم بعض النقاط التي من شأنها أن تؤخذ بعين الاعتبار من طرف المواطن أولا بصفته المتضرر الأول ثم من السلطات المحلية والوطنية التي بيدها الحلول والموارد المادية إلخ... سوف نطرح أسئلة ونجيب عليها، بعض منها موجودة في الحوار أعلاه، والبعض الأخر سنجيب عليه.قبل كل شيء تجدر الإشارة أن الصفحة لا تنتمي لأي تيار سياسي أو إيديولوجي وليس لها تمويل أو راعي رسمي، بل هي مستقلة 100% و أن مسيريها لا يعملون لدى شركات تقدم استشارات مأجورة لنتجنب تضارب المصالح.
سؤال 1: ما هي أسباب اندلاع الحريق؟جواب 1:
أ - إيقاد النار : التي يمكن أن تكون شرارة، برق، شعلة الخ ...
ب- الوقود : أكسجين
ت- الوِقَاد : الغطاء النباتي، الأوراق والأغصان.
عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة وينقص المطر، يتبخر جزء كبير من الماء الموجود في أنسجة النباتات التي تشكل الغابات والنباتات. فتصبح الأوراق الوقود المفضل، خاصة وأنها توفر سطحا كبيرا من التلامس مع الأكسجين ويمكن لأي شرارة أن توقد النار.
سؤال 2: ما الذي يساعد على اشتعال الشعلة الأولى
جواب 2: رمي أو اطفاء سيجارة بشكل سيئ، حفل شواء (Barbecue)، رمي قارورات الزجاج التي تلعب دور عدسات مركزة لأشعة الشمس في مكان يوجد فيه غطاء نباتي يابس فيسهل اشتعال النار.
سؤال 3: كيف يتم مكافحة الحرائق؟
جواب 3: يوجد عدة طرق: كثير منها استباقية وقائية لمنع وأخرى يجب إطلاقها حيز التنفيذ أثناء وبعد اندلاعها.
1-الطرق الاستباقية و الوقائية: التفريق بين دور المواطن والدولة.
دور المواطن:
- عدم رمي السجائر وإطفائها، عدم رمي قارورات البلاستيك والزجاج بما أنها تشكل خطر كبير في اشتعال النيران.
تنظيف الأماكن بعد أي تجمع عائلي أثناء حفلات الشواء مثلا.
- جمع القارورات البلاستيكية والزجاجية وإرسالها للشركات المتخصصة في إعادة التدوير (Recyclage)
والجمعيات المحلية لكي يتم تدويرها.- تجهيز المنازل أو المتاجر المحاذية للغابات بمطفأة الحريق، يمكن هذا من إطفاء الشرارة الأولى للحريق إن تم اكتشافها مبكرا.
دور الدولة:- وضع خطط وإستراتيجيات وطنية لمكافحة الحرائق، تحديد مسؤولية السلطات المحلية ومحافظة الغابات وإعطاءها السلطة التقديرية في ملائمة تلك الاستراتيجيات محليا وخاصة تفعيلها مع التطبيق الصارم. فالحرائق التي تندلع في جنوب البلاد مثلا ليس كالشمال.
- تحديد الغابات الاكثر عرضة للحرائق وأخذ التدابير لحمايتها.
- القيام بما هو ضروري لتجنب تفشي الحريق وانتشاره، تنظيف الغابات من جميع الشجيرات وتقليم جذوع الأشجار.
- فتح مسارات في المناطق الجبلية والريفية بحيث يجب فصل الغابات عن بعضها البعض : يتم بنزع الأشجار في مسارات معينة واستبدالها بأحواض مياه أو صخور ليتم الحفاظ على الغطاء النباتي.
- تمكين المزارعين وسكان المناطق الغابية والجبلية من بناء أحواض مياه لاستغلالها في أعمال الري والسقي بطرق تحفيزية لكي يتم استعمالها من طرف أعوان محافظة الغابات والمطافئ و يمكنهم من إيجاد منبع مائي قريب دون الاستعانة إلى التجهيزات الكبرى، هاته النقطة مهمة من الناحية الاقتصادية.
- الرجوع إلى استعمال أبراج المراقبة التي من مهامها إعطاء الإنذار المبكر ولم لا خلق فرص عمل موسمية للشباب أو الطلبة المتمدرسين في المجال برواتب معقولة أو في إطار تربصات.- وضع لافتات توعوية.
- تسهيل وتقنين استعمال طائرات بدون طيار مجهزة بكاميرات حرارية تمكن من رصد ورسم خرائط المناطق الخطرة والأكثر عرضة للحرائق.
- تسهيل إعطاء الاعتماد للأشخاص الراغبين في إنشاء جمعيات بيئية محلية، حيث يمكن إشراكها في عمليات تنظيف وتهيئة الغابات، إعادة تدوير القارورات الزجاجية والبلاستيكية وخاصة نشر الوعي بين المواطنين وتكوين الشباب.
-فرض عقوبات صارمة ضد المخالفين، المتورطين في إشعال الحرائق وضد من لم يبلغ عنهم.2- مكافحة الحرائق عند اندلاعها.
لا شك أن دور المواطن في مكافحة الحرائق جوهري، فهو الذي يبلغ فرق الإطفاء عن بداية الحرائق، وقد يكون الفضل لأي فرد منا في إنقاذ الأرواح والممتلكات أو الحد من الخسائر شرط أن تضع الدولة تحت تصرف المواطنين رقم أخضر، يسهل حفظه والأهم أن تكون الاستجابة فورية، دون قيود إدارية وأوامر فوقية في أعلى هرم السلطة لكي تسخر التجهيزات والموارد البشرية بصفة عاجلة. نعلم أن هناك أليات تحت حيز التنفيذ، ولكن يجب وضع أليات أخرى مكملة لكي يكون التدخل أنجع وسريع.
فكما قلنا سابقا أن الحوامات فعالة في المناطق المعزولة والتي لا تصل إليها المركبات أو شاحنات الإطفاء شرط أن تكون النيران في بدايتها كما يوضحه الفيديو في الرابط الموجود في التعليق الأول، فنرى أن طيار الحماية المدنية بتكوينه المزدوج في قيادة الحوامة والإطفاء تمكن من إخماد النار. إليكم مثال.
https://fb.watch/fdbaNkD9Yq/
أما إذا كانت النيران في مرحلة متقدمة فيجب تسخير الموارد البشرية، المركبات والشاحنات، الحوامات والطائرات.
ففي العام الماضي أعلنت السلطات الجزائرية عن اقتناء 4 طائرات روسية من نوع برييف 200 Beriev روسية الصنع، بدلا من كانادارCanadair CL415 فهنا يجب أن نقف عند عدة نقاط لنوضح هذا الاختيار دون الانحياز لأي طائرة :1- توقفت الشركة المصنعة لطائرة كانادار Canadair CL415 عن تصنيعها لأنه لم يتم إطلاق مناقصات دولية لاقتنائها منذ 10 سنوات من طرف أي دولة أو شركة.
2- سيتم تصنيع 22 طائرة حديثة De Havilland DHC-515 مستقبلا على أن يتم تسليم أولى الطائرات مطلع 2026، بعد أن أعلنت كل من ست دول وهي فرنسا، اليونان، كرواتيا، اسبانيا والبرتغال عن صفقة موحدة.
فهنا نستنتج أن أجال الاستلام بعيدة في ظل الطلب الدولي المتصاعد والتغيرات المناخية الطارئة التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية، جعلت الجزائر تنحاز لشريكها الاستراتيجي لاقتناء طائراتB200 من روسيا على أن يكون التسليم في غضون عامين أي مطلع سنة 2023.فبالرغم من الخسائر المادية والبشرية وحدوث عطب للطائرة الروسية المستأجرة صائفة 2022 كما أعلنه وزير الداخلية إلا أنها أثبتت فاعليتها حسب الشهود، لكن هذا لا يعني أن الطائرات وحدها كفيلة لإخماد النيران إن لم يؤخذ بأسباب الوقاية الاستباقية. وهذا ما يؤكده البروفيسور بابا أحمد في هذه الفيديو https://fb.watch/fdec5_TGhy/
فقد قرأنا عبر الصفحات والجرائد الإلكترونية الجزائرية عن نجاعة طائرات كانادار Canadair CL 415 و برييف 200Beriev دون أن يخرج إلينا أي صحفي أو مختص بمقال يقارن فيه بين الطائرتين.
لذا ارتأينا أن نقوم بمعالجة الموضوع، حيث سألنا أناسا يعملون في مجال الطيران لكي يوضحوا لنا ، كما قمنا بكثير من البحث في عدة المواقع ، و إليكم البطاقة التقنية لكل من الطائرتين و لكم الحكم أيهما أحسن حسبما تفرضه جغرافية و مناخ الجزائر .
-قمنا بهذا العمل لكي نشارك في إعطاء نظرة دقيقة عن الطائرتين، لأن الجميع يتكلم في هذا المجال من دون دراية وبالأخص المعلومات المغلوطة التي تتداولها عدة صفحات شعبوية همها الوحيد التهريج والكلام الفارغ.
تقبلوا منا فائق التقدير والاحترام.
بعد الصور يوجد رأينا بإختصار حول الطائرتين
- من المقال وكل المعلومات الموثوقة بالصور استنتجنا أن طائرة البيرييف بي 200 متفوقة بكثير من حيث إلكترونيات الطيران Avionics systems المتطورة والعديد من الأشياء التي لا توجد في طائرة كنادير على سبيل المثال : الدفة الموجهة في الماء Rudder حيث يستطيع البيرييف تغير الاتجاه في البحر أثناء عملية ملئ الخزانات بالماء تحسبا لأي مفاجأة قد تصادفه أثناء العملية وهذا لا نجده في الكنادير كما توضحه الصور ، نظام تجنب الاصطدام مع طائرات أو حوامات TCAS Traffic collision avoidance system وهاذا النظام يلعب دور كبير في عالم الطيران فما بالك عندما تكون الرؤية شبه منعدمة أثناء عملية الإطفاء وخاصة عندما تكون الحوامات تقوم بنفس العمل (مع العلم أن حوامات الحماية المدنية والقوات الجوية تحتوي أيضًا على نظام TCAS ) ، وعلى غرار نظام FLIR وهو عبارة عن كاميرا للمراقبة يمكنها العمل في الليل والنهار ويمكنها أيضا بث الصور مباشرة إلى مركز القيادة، كما بإمكان البيرييف أن يحمل 24 رجل إطفاء عوضا عن 8 في الكناديـٍر، يمكنه أيضا أن يقوم بالقذف التسلسلي 8 مرات أي إخماد 8 حرائق متقطعة واحد تلو الأخرى وهذه ميزة ممتازة، قدرة خزان الماء 12000 لتر على غرار الكنادير بـ 6000 لتر ، سائل مثبطات اللهب 800 لتر في البيرييف و 500 لتر في الكنادير وهنالك عدة أشياء أخرى كثيرة في مجال الطيران لا يسعنا الوقت للتحدث عليها كما هي من أهل الاختصاص المعمق الذين ساعدونا في كتابة المقال.في الأخير الفرق شاسع ونحن لا نقلل من كنادير بل نقول إنها وضعت توقيعها بأحرف من ذهب في هاذ المجال منذ زمن لكن في الوقت الراهن التكنولوجيا أصبحت جد متفوقة خاصة في مجال الطيران، شكرا مرة ثانية لمتتبعينا الأوفياء
Algerian spotters Team
